نواب أردنيون يوظفون سائقين أجانب

{title}
راصد الإخباري -




* اتهامات لنواب أردنيين بتوظيف سائقين أجانب بشكل غير قانوني وسط تضارب في الأنظمة ومخاوف من استغلال النفوذ، والجهات الرقابية في صمت.


الاربعاء - 17 كانون أول 2025 - ايمن المجالي - تتصاعد تساؤلات في الأوساط الشعبية والإعلامية الأردنية حول ظاهرة يصفها مراقبون بالمستغرِبة، حيث يلجأ عددٌ لا يُستهان به من أعضاء مجلس النواب إلى توظيف سائقين من جنسيات أجنبية، لا سيما البنغلاديشية والسودانية، وسط مخاوف من خرق قوانين العمل وتجاوز التعليمات الرسمية التي تُغلِق مهنة السائق أمام الوافدين، والتحايل على نظام ساعات العمل، ناهيك عن إقصاء فرص العمل عن أبناء الوطن.

هذه الممارسة، التي لم يسبق أن ظهرت بهذا الحجم، تفتح الباب أمام استفسارات ملحة حول مدى قانونيتها، ودور وزارة العمل في مراقبتها، والأسباب الكامنة وراء انتشارها بين النواب تحديداً، في وقتٍ يزداد فيه الحديث عن تفاقم أزمة البطالة بين الشباب الأردني.


و بحسب "دليل خدمات العمالة الوافدة" الرسمي الصادر عن وزارة العمل الأردنية، فإن وظيفة "سائق خاص" مدرجة ضمن قائمة المهن المسموح باستقدام عمالة، ولكن بشروط وإجراءات محددة تشمل الحاجة الفعلية.

لكن التباساً كبيراً يظهر عند الرجوع إلى قرارات أخرى للوزارة. فقد أصدر وزير العمل الأسبق نضال البطاينة قراراً يوسع قائمة "المهن المغلقة" أمام العمال غير الأردنيين، وأدرج فيها بشكل صريح "السائقون بكافة فئاتهم وأصنافهم". يُفيد هذا النص بأن مهنة السائق مغلقة أمام الوافدين إلا في حالة واحدة محددة، وهي إذا كان صاحب العمل في "شركات تكون حكومة المملكة شريكا فيها".

وهنا يبرز السؤال القانوني المحوري: هل يندرج النائب الفرد، بصفته الشخصية، تحت هذه الاستثناء؟ البحث في الأنظمة والقرارات المنشورة لا يُظهر أي استثناء واضح للنواب أو لأعضاء المجلس النواب. هذا الغموض التشريعي يخلق منطقة رمادية قد يتم استغلالها، ويضع علامات استفهام حول مدى التزام بعض النواب بالروح التشريعية التي تهدف إلى توطين الوظائف.


وفي غياب تعليق رسمي من النواب المعنيين، تتناقل وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية تكهّنات حول دوافع توظيف سائقين أجانب. أبرز هذه الدوافع المطروحة هو الرغبة في "السرية" و"عدم التفريط في أسرار" النائب، إذ أن السائق يكون شاهداً على معظم تحركاته واجتماعاته اليومية الطويلة بين الدوائر الحكومية والمؤسسات الخاصة. كما يُشار إلى رغبة البعض في الحصول على سائق مستعد للعمل لساعات طويلة تتجاوز الحد القانوني، قد تصل إلى 15 أو 20 ساعة يومياً، دون المطالبة بحقوق إضافية، وهو ما قد لا يقبله سائق أردني على الأرجح.

وتتعزّز هذه الشكوك في ظل سياسة وزارة العمل الحالية التي تشدد على ملاحقة العمالة المخالفة. فقد أكد وزير العمل الحالي، خالد البكار، أن الوزارة لن تلغي قرار تسفير أي عامل غير أردني مخالف يتم ضبطه في سوق العمل اعتباراً من بداية عام 2025. وأشارت تقارير إلى أن عدد العمال الأجانب المخالفين الذين صدرت بحقهم قرارات ترحيل في النصف الأول من العام 2025 بلغ 4379 شخصاً.

هذا التشديد الرسمي المُعلن يطرح سؤالاً جوهرياً عن مدى فعالية الحملات التفتيشية، وهل تشمل مراقبة أماكن عمل النواب ومقار إقامتهم؟ وهل يتمتع النواب بحصانة ما تمنع المفتشين من التحقق من أوضاع العمالة لديهم؟

و تُفاقم هذه الظاهرة من إحباط العمالة الأردنية، لا سيما في قطاع النقل الذي يعاني أصلاً من تحديات كبيرة. فبيان صادر عن لجنة العمل النقابي في الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني يصف معاناة آلاف السائقين العاملين على تطبيقات النقل، الذين يعملون "دون أن يلتفت لهم أحد"، في قطاع يعد "الأكثر هامشية وعرضة للاستغلال"، مشيراً إلى أن هذا العمل أصبح "الملاذ الأخير لعشرات آلاف العاطلين".


و في هذا السياق، تبدو فرص العمل "كسائق خاص" لدى شخصيات عامة ذات دخول ثابتة، فرصةً جيدة ومستقرة كان من الممكن أن تساهم في امتصاص جزء من البطالة، لو كانت متاحة للأردنيين.

و تقف وزارة العمل أمام مسؤولية مباشرة للتوضيح والتدخل. فالمهمة الرئيسية للوزارة، كما يذكر الوزير البكار، هي "تنظيم سوق العمل وحماية حقوق العاملين في القطاع الخاص والتشبيك بين الباحثين عن العمل وأصحاب العمل".

و يتطلب هذا بدوره فتح تحقيق علني للتحقق من مدى انتشار هذه الممارسة بين النواب، وفحص شرعية إقامات وتصاريح عمل السائقين الأجانب العاملين لديهم، وتوضيح اللبس القانوني حول استثناءات مهنة السائق.

كما ينتظر الرأي العام تحركاً من داخل مجلس النواب نفسه، فالقضية تمس مصداقية المؤسسة التشريعية التي يفترض أن تكون أول الملتزمين بالقوانين التي تسنّها، وأكثر من يمثل مصالح المواطنين في توفير فرص العمل. السكوت عن هذه الظاهرة قد يُرسّخ شعوراً عاماً بوجود "امتيازات" لفئة معينة على حساب القانون وحقوق الشباب الأردني في العمل.